تحميل رواية نزف الطائر الصغير pdf قاسم توفيق
عندما سرق الرجال سيارتي وكل ما فيها وجردوني من النقود التي أحملها إلا من بضع قروش كانت في جيبي رموا لي”
قبل أن ينطلقوا مبتعدين بالسيارات الثلاث هويَتي ورخصة القيادة وكأنهم يقولون أنهم لا يريدون أن أموت غريباً. القروش القليلة التي كنت أحملها لم تكن كافية لتأمين طريق العودة إلى البيت. أخذوا مني بطاقات الفيزا والأرقام السريَة التي لقنتها لأحدهم وكتبها على موبايله, وهو يتوعدني بأنها ان لم تكن صحيحة فسوف يعرف كيف يصل إليّ. أكدت له مستسلماً بأنها صحيحة, وأعلمته بأرصدة حسابي البنكي, لم أكن معنيَاً بغير أن ينتهي هذا الكابوس.
انطلقوا بالسيارات الثلاث وتركوني لأفرح بالنجاة. وقفت وأنا أضغط بعنق البلوزة التي ألبسها على موضع الجرح الذي بدأ نزفه يخفَ, مشيت الى الطريق العام, وجّهت وجهي صوب الشمال ومضيت دون أن أنظر خلفي أو أن أفكَر بالتَأشير لأي سيارة أو شاحنة عابرة, ولم أدر عنقي صوب أولئك خاليي الذهن الذين تنبهني بأبواق سياراتهم وكأنهم يسألوني المساعدة؟
كما تلبست بالأسى والألم وأوشكت أن أبكي من جحيم الغضب الذي في داخلي كنت أركل الحجارة والتراب التي تعيق
مسيري, لعنت كل ما هو مقدَس وغير مقدَس, لعنت أهلي و”سارة” و”ربى”, ولعنت نفسي لأني لا أعدو سوى كائن تافه, جاهل لا يعرف شيئاً عن معنى الحياة.”