تحميل كتاب أولياء الكتابة الصالحون pdf محمد توفيق
نحن الشعب الوحيد الذي يستخدم «المخ» في الساندويتشات!
هكذا يقول العم جلال، وأظن أننا لو استخدمنا المخ في شيء آخر لتبدلت الأحوال، وما تكررت ذات الأحداث بنفس التفاصيل التي جرت منذ يوم الجمعة 25 سبتمبر 1952.
في هذا التوقيت كان قد مر شهران على قيام ثورة يوليو، وتم اختيار شعار العهد الجديد «الاتحاد، والنظام، والعمل».
.. والتحق محمود السعدني بالعمل في مجلة «الكشكول»، واستقر أحمد رجب في «أخبار اليوم»، وحصلت فاتن حمامة على جائزة أحسن ممثلة.
.. وكشف مصطفى أمين في مقال في «أخبار اليوم» أن قائد الثورة هو جمال عبد الناصر، وذلك من خلال سلسلة مقالات تحت عنوان «سر الضباط التسعة» فغضب جمال عبد الناصر لذلك، وأمر الرقيب بعدم نشر بقية المقالات.
.. وصدر قرار بالعفو عن المتهمين بقتل المستشار الخازندار، والنقراشي، وذلك في إطار مصالحة ثورة يوليو مع الإخوان!
.. وصدر قانون تنظيم الأحزاب الذي نصَّ على قيام كل حزب بتطهير نفسه، أي إقصاء الأحزاب سيئة السمعة، وتقدم فتحي رضوان بإخطار إعلان قيام الحزب الوطني الجديد.
وسط هذه الأجواء الملتهبة وُلد العم جلال عامر الذي شاء القدر أن يرحل في أجواء مشابهة تمامًا!
فقد رحل في 12 فبراير عام 2012 في اليوم التالي للذكرى الأولى لثورة يناير، وبعد أن صار واضحًا للجميع أن الثورة قد انحرفت عن مسارها، وسارت في الاتجاه المعاكس، بفضل جماعة الإخوان وحلفائها، وبمساعدة المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان.
لكن قلب صاحب القلب الأنقى لم يتحمل ما جرى فسقط مغشيًّا عليه، رغم أنه تحمَّل كثيرًا؛ فقد شارك في الحرب، وما أدراك ما الحرب، لكن في الحرب العدو واضح، بينما في الثورة بدا الأمر كأنه لا شيء واضحا على الإطلاق، ربما لذلك يقول: «كل شعوب العالم لا تعرف ماذا يحدث في المستقبل إلا الشعب المصري لا يعرف ماذا يحدث الآن».
العم جلال عامر مر كالطيف بيننا لنعرف أن المعجزات امتدت إلى عصرنا، ربما لذلك كان يدرك أنه سيأتي فجأة وسيختفي فجأة.. وقد حدث!