تحميل رواية بكارة Pdf الحبيب السالمي
لا شيء يعكِّر صفو الصداقة القديمة التي تربط بينهما. وحياتُهما البسيطة في هذه القرية التونسيَّة النائية في ريف القيروان تمضي هادئةً رتيبة . لكنَّ إحدى الإشاعات الغريبة التي تكاثرتْ بعد ثورة 2011 فضحت أحد أسرارهما الدفينة وأعادتهما إلى واقعة مؤلمة من ماضٍ بعيدٍ غامضٍ يريدان نسيانه. تملــّـكهما الخوف وغزتهما الشكوك. وشاب علاقتَهما التوتُّرُ، حتى إنَّ فردًا من عائلة أحدهما وضع خطَّةً محكمةً لقتل الآخر انتقامًا وتشفِّيًا. على خلفيّة الثورة ترسم الروايةُ عالمًا شديدَ الخصوصيَّة، تَحْكمه قيمٌ ومفاهيمُ وتصوُّراتٌ عن هشاشة الحبّ
والجنس وحدودِ الصداقة وبكارةِ جسد الأنثى وكلّ ما يرتبط بها من استيهامات في وعي العربيّ ومخيِّلته.
الحبيب السالمي: روائيّ تونسيّ. صدرتْ له عدَّة روايات. اختيرت روايتاه روائح ماري كلير، ونساء البساتين، الصادرتان عن دار الآداب، ضمن القائمة القصيرة للجائزة العالميَّة للرواية العربيَّة (البوكر العربيَّة) في دَوْرتي 2009 و2012. تُرجمتْ رواياتُه إلى العديد من اللغات
مصطفى و البشير صديقان حميمان يشارفان على الخمسين تجمعهم ذكريات الطفولة و الشباب و الكهولة. تنتشر في القرية إشاعة عن أحدهما و يظن أن صاحبه قد افشى السر. ينتقل القارئ بين الشخصيات و هي تسرد ما يدور في دواخلها و تتعامل مع الاشاعة التي عم خبرها في البلد. كيف يتصرف كل منهما و الناس في القرية؟ ذلك محور الرواية. اسلوب عذب و مشوق للحبيب السالمي و سبر لأغوار النفس البشرية و تقلباتها. لفت نظري انه لا وجود للاطفال أو الاولاد في الرواية بالرغم من أن الشخصيتين الرئيسيتين اللتين تركز عليهما الرواية لهما عدة اولاد. هل هو سهو من الكاتب أو تصوير اقرب للحياة الواقعية في القرية؟
يعلن عنوان الرواية أن محورها الأساس هو البكارة، هذا المفهوم الذي تعدّى بيولوجيّته ليغدوَ رمزًا أسطوريًّا للشرف يُهدر الدم في سبيل وأد أي إشاعةٍ تطال عفّة المرأة وفحولة من يفضّها.
يأخذنا الحبيب السالمي إلى قرية نائية تونسيّة إبّان عزل بورقيبة في أواخر الثمانينيّات. نتعرّف إلى البشير ومصطفى اللذَين، كما بلادهما، يمرّان بفترة صعبة في مرحلة انتقاليّة في صداقتهم لن تُحلّ دون أن يستمع كلٌّ للآخر. فهل يتعلّما معنى الديمقراطيّة؟
يعاني هذا المجتمع القبليّ المنغلق من العديد من الآفّات الذكوريّة والعنصريّة والطبقيّة حيث تختلط أنواع العنف اللفظي والجسدي والجنسي بطريقة مقلقة. يعرّي السالمي الواقع العربي المتخبّط في نظرته للرجولة والحب والجنس والفقر والتقاليد البالية وغياب الوعي الاجتماعي والسياسي. يختار هذه القرية المتطرّفة كي يوضّح الصورة أكثر. لهذا، كانت الرواية مزعجة ومستفزّة. أتت مؤلمة للغاية مشاهد التعاطي مع المرأة على أنها من مقتنيات الرجل وضربها والتصرّف معها بوحشيّة ليلة الزفاف.
بيّن السالمي من خلال شخصيّاته وحواراتهم المنطق الكامن وراء هذه التصرفات النمطيّة المتوارثة، وأوضح مواطن ضعفها وضيق أفقها وجهلها.
أسلوب الكتابة بسيط واللغة سهلة. تتدرّج الأحداث بسرد مسرحيّ حيث الرواية مقسّمة إلى فصول قصيرة بمشاهد متسلسلة تختلف شخوصها وأمكنتها؛ وذلك مع الحفاظ على مشهد محوريّ يتكرّر بصيغة مختلفة بحسب تطوّر العلاقة بين الصديقين وهو مشهد لقائهم تحت شجرة الخرّوب الكبيرة. أتت مشاهد اللقاء هذه بتعدّديّتها مفصليّة تحدّد مسارات وانعطافات الحبكة الروائية.